خواطر الشهر الكريم لوزير الأوقاف الخاطرة الثامنة : رمضان وأبواب السماء
في رمضان تفتح أبواب السماء ، وفي فتحها كناية عن أمرين ، أولهما : نزول الرحمات والبركات ، والآخر : إجابة الدعوات ، وليس غريبًا أن يأتي قوله تعالى : “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” ، في ثنايا الحديث عن فريضة الصيام ، وكأن الحق سبحانه وتعالى يلفت أنظارنا إلى وقت من أهم أوقات إجابة الدعاء ، وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، فلكل صائم دعوة لا ترد ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إنَّ للصائِمِ عندَ فِطرِهِ لَدعوةٌ لا تُرَدُّ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) :”ثلاثة لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ ، وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَيَقُولُ الرَّبُّ (عز وجل) وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين”.
والدعاء ليس سلاح الضعفاء كما يتوهم البعض الدعاء ، سلاح الأقوياء الآخذين بالأسباب ، المؤمنين بأن الأسباب لا تؤدي إلى النتائج بطبيعتها ، إنما برحمة الله تعالى وعونه وسداده وإرادته وتوفيقه ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو الله بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إثمٌ ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ بها إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يعجل لَهُ دَعْوَتَهُ ، وإمّا أن يَدَّخِرَها لَهُ في الآخرة ، وإمّا أن يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ: الله أَكْثَرُ” ، فلا يظنن أحد أن الإنسان الذي يلجأ إلى ربه بالدعاء يرجع صفر اليدين ، بل لا شك أن نعمة الله عليه في القبول واسعة ، إما بإجابة دعوته ، أو أن يدفع عنه من السوء مثلها ، أو أن يدخرها له يوم القيامة ، وليكن بدء الدعاء بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويختم بمثل ذلك، فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الصلاتين ويرد ما بينهما والإجابة من الله تعالى.